كمال
وزوجته ليلى
وابنهما
سمير، اختاروا
الهجرة بحثاً
عن وطن يؤمّن
لهم العيش
الكريم. إنّ
اختيار
الهجرة
بالنّسبة لهم
كان أمراً
صعباً. غير
أنّهم قد
ضاقوا
ذَرْعاً وبلغ
السّيل
الزّبى من
أنظمة حرمتهم
العيش الكريم.
وهجرة الوطن
لم تكن نمطاً
من أنماط
استكشاف بلاد
جديدة، ولا
حبّاً
بالمغامرة،
وليس لها أيّة
علاقة في نشر
الثّقافة
والحضارة
لشعوب لم تتعرّف
عليها بعد -
كما يدّعي
القيّمون على
الأنظمة بأنّ
المغامرة جزء
من "جينات"
المواطنين -
غير أنّهم
فعلاً يهجرون
الوطن هرباً
من تلك
الأنظمة
الّتي يشرف
على إدارتها
زعماء أفسدهم
حبّ السّلطة
والسّيطرة
الدّينيّة
والسّياسيّة،
فحرموا
شعوبهم من
حقوقهم
الاجتماعيّة
المشروعة.
حرموهم من حقّ
العمل، وحقّ
العلم، وحقّ التّطبيب،
وحقّ
الشّيخوخة،
وأشبعوهم
كلاماً
فارغاً على
أنّهم شعوب
تحبّ
المغامرة
والاستكشاف.
أمّا الواقع المعيشي،
فهو عكس ما
يروّجون له.
فالهجرة هي الباب
الوحيد
المفتوح أمام
المواطنين
الفقراء
للدّخول منه
إلى عالم
جديد، إلى وطن
بديل يحترم
مواطنيه
ويوفّر لهم
العيش الكريم.
يا ليت هذه
الحكومات تعي
مدى خطورة
الهجرة على
سلامة الوطن،
وأمنه
واستقراره.
ويا ليت ضمائر
مسؤولي هذه
الحكومات
يستيقظ
يوماً، وتعرف
أنّ
المواطنين
يهجرون الوطن
هرباً من
مظالمهم،
وفسادهم،
واستعبادهم،
وحرمانِهم
لهؤلاء المواطنين،
فيُصلحون ما
فسد منهم،
ويحدّون من
جشعهم، فلا
يحلّلون ما هو
محرّم عليهم،
ولا يستغلّون
ضعف
المواطنين،
لعلّهم بذلك
يشجّعونهم على
البقاء في
وطنهم الّذي
لم يهجروه
طوعاً، بل قسراً،
قاصدين العيش
الكريم في
مشارق الأرض ومغاربها.
لقد
فُرضت الهجرة
على كمال
وزوجته وابنه
سمير،
واختاروا
ولاية
فيكتوريا
لتكون وطنهم
البديل،
آملين الحصول
على ما سلب
منهم وطنهم
الأم من
عدالة، وحقوق
دون الحاجة
للّجوء إلى
وسائل
التّملّق أو
التّـزلّم
لأحدٍ من
البكوات أو
الزّعماء أو
الأمراء، أو
أيّ من رجال
الدّين
الّذين
يدّعون تمثيل
اللّه على هذه
الأرض. فهل
سينجح كمال
وعائلته في
تحقيق
أحلامهم؟
تُغادر الروح فضاءها ... إن غادر الكتاب سرج بقائها